سورة النبأ - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النبأ)


        


{جزاء وفاقاً} أي جازيناهم جزاء وافق أعمالهم، وقيل وافق العذاب الذنب فلا ذنب أعظم من الشرك، ولا عذاب أعظم من النار. {إنهم كانوا لا يرجون حساباً} أي لا يخافون أن يحاسبوا، والمعنى أنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث ولا بأنهم يحاسبون {وكذبوا بآياتنا} أي التي جاءت بها الأنبياء، وقيل كذبوا بدلائل التوحيد والنّبوة والبعث والحساب {كذاباً}، أي تكذيباً قال الفراء هي لغة يمانية فصيحة يقولون في مصدر التفعيل فعال، قال وقد سألني أعرابي منهم يستفتيني الحلق أحب إليك أم القصار يريد التقصير {وكل شيء} أي من الأعمال {أحصيناه} أي بيناه وأثبتناه {كتاباً} أي في كتاب وهو اللوح المحفوظ، وقيل معناه وكل شيء علمناه علماً لا يزول ولا يتغير ولا يتبدل والمعنى أنا عالم بجميع ما فعلوه من خير وشر، وأنا أجازيهم على قدر أعمالهم جزاء وفاقاً {فذوقوا} أي يقال لهم ذوقوا {فلن نزيدكم إلا عذاباً} قيل هذه الآية أشد آية في القرآن على أهل النار كلما استغاثوا من نوع من العذاب أغيثوا بأشد منه.
قوله عز وجل: {إن للمتقين مفازاً} أي فوزاً أي نجاة من العذاب، وقيل فوزاً بما طلبوه من نعيم الجنة، ويحتمل أن يفسر الفوز بالأمرين جميعاً لأنهم فازوا بمعنى نجوا من العذاب، وفازوا بما حصل لهم من النّعيم. ثم فسره قال {حدائق} جمع حديقة وهي البستان المحوط فيه كل ما يشتهون {وأعناباً} التنكير يدل على تعظيم ذلك العنب {وكواعب} جمع كاعب يعني جواري نواهد قد تكعبت ثديهن {أتراباً} يعني مستويات في السن {وكأساً دهاقاً} قال ابن عباس: مملوءة مترعة، وقيل متتابعة، وقيل صافية {لا يسمعون فيها} أي في الجنة، وقيل في حالة شربهم لأن أهل الدنيا يتكلمون بالباطل في حالة شربهم {لغواً} أي باطلاً من الكلام {ولا كذاباً} أي تكذيباً والمعنى أنه لا يكذب بعضهم بعضاً ولا ينطقون به {جزاء من ربك عطاء حساباً} أي جازاهم جزاء وأعطاهم عطاء حساباً أي كافياً وافياً، وقيل حساباً يعني كثيراً، وقيل جزاء بقدر أعمالهم {رب السموات والأرض وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطاباً} أي لا يقدر الخلق أن يكلموا الرب إلا بإذنه، وقيل لا يملكون منه خطاباً أي لا يملكون شفاعة إلا بإذنه في ذلك اليوم.


{يوم يقوم الروح والملائكة صفاً} قيل هو جبريل عليه الصلاة والسلام وقال ابن عباس: الروح ملك من الملائكة ما خلق الله مخلوقاً أعظم منه، فإذا كان يوم القيامة قام وحده صفاً، وقامت الملائكة كلهم صفاً واحداً فيكون من عظم خلقه مثلهم، وقال ابن مسعود: الروح ملك عظيم أعظم من السموات والأرض والجبال وهو في السماء الرابعة يسبح الله كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة يخلق الله من كل تسبيحة ملكاً يجيء يوم القيامة صفاً وحده، وقيل الروح خلق على صورة بني آدم وليسوا بناس يقومون صفاً والملائكة صفاً هؤلاء جند وهؤلاء جند وقال ابن عباس الروح خلق على صورة بني آدم وما ينزل من السماء ملك إلا ومعه واحد منهم، وعنه أنهم بنو آدم يقومون صفاً والملائكة صفاً، وقيل يقوم سماطان سماط من الروح وسماط من الملائكة {لا يتكلمون} يعني الخلق كلهم إجلالاً لعظمته تعالى جلّ جلاله وتعالى عطاؤه وشأنه من هول ذلك اليوم {إلا من أذن له الرحمن} أي في الكلام {وقال صواباً} أي حقاً في الدنيا وعمل به، وقيل قال لا إله إلا الله قيل الاستثناء يرجع إلى الروح والملائكة، ومعنى الآية لا يشفعون إلا في شخص أذن الرحمن في الشفاعة له، وذلك الشخص ممن كان يقول صواباً في الدنيا، وهو لا إله إلا الله {ذلك اليوم الحق} أي الكائن الواقع لا محالة وهو يوم القيامة. {فمن شاء اتخذ إلى ربه مآباً} أي سبيلاً يرجع إليه وهو طاعة الله وما يتقرب به إليه {إنا أنذرناكم} أي خوفناكم في الدنيا {عذاباً قريباً} أي في الآخرة وكل ما هو آت قريب {يوم ينظر المرء ما قدمت يداه} يعني من خير أو شر مثبتاً في صحيفته ينظر إليه يوم القيامة. {ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً} قال عبد الله بن عمرو «إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وحشر الدّواب والبهائم والوحوش، ثم يجعل القصاص بين البهائم حتى يقتص للشّاة الحماء من الشاة القرناء نطحتها. فإذا فرغ من القصاص قيل لها كوني تراباً فعند ذلك يقول الكافر يا ليتني كنت تراباً» وقيل يقول الله عز وجل للبهائم بعد القصاص إنا خلقناكم وسخرناكم لبني آدم وكنتم مطيعين لهم أيام حياتكم فارجعوا إلى ما كنتم عليه كونوا تراباً، فإذ رأى الكافر ذلك تمنى، وقال يا ليتني كنت في الدّنيا في صورة بعض هذه البهائم، وكنت اليوم تراباً وإذا قضى الله بين الناس وأمر بأهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، وقيل لسائر الأمم سوى الناس والجن عودوا تراباً فيعودون تراباً فحينئذ يقول الكافر يا ليتني كنت تراباً، وقيل معناه إن الكافر إذا رأى ما أنعم الله به على المؤمنين من الخير، والرحمة، قال يا ليتني كنت تراباً يعني متواضعاً في طاعة الله في الدنيا، ولم أكن جباراً متكبراً، وقيل إن الكافر هاهنا هو إبليس، وذلك أنه عاب آدم وكونه خلق من تراب، وافتخر عليه بأنه خلق من نار فإذا كان يوم القيامة، ورأى ما فيه آدم وبنوه المؤمنين من الثواب والرحمة، وما هو فيه من الشّدة والعذاب قال يا ليتني كنت تراباً قال أبو هريرة رضي الله عنه يقول التراب لا ولا كرامة لك من جعلك مثلي، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه.

1 | 2